Featured Video

Bookmark and Share

الأحد، 5 يوليو 2009

العطور في مصر


تركيب وتقليد العطور العالمية على الطريقة المصرية
جذبت الشباب وتشهد رواجا واسعا وتمتد جذورها للفراعنة
استغل البعض تركيب العطور كوسيلة للتغلب على البطالة حيث أن تكاليفها بسيطة. («الشرق الأوسط»)
القاهرة: محمد مصطفى «اختر أفضل أنواع العطور العالمية: جيفنشي، دانهيل، جورجيو ارماني، كالفن كلاين، غوتشي.. ولا تدفع أكثر من عشرين جنيها!».. مشهد ولافتة أصبحا مألوفين في شوارع القاهرة، حيث تعلو اللافتة محلا تجاريا لا تزيد مساحته على 30 مترا، تفوح منه روائح أغلى العطور العالمية، ويقف بداخله شاب أو اثنان على الأكثر يعملان بسرعة شديدة في تعبئة زجاجات صغيرة بخليط صنعوه من العطور المركبة، بعدما لاقت هذه الصناعة أخيرا رواجا كبيرا، من مختلف الفئات وبخاصة الشباب.. البعض استغلها كوسيلة للتغلب على البطالة، خاصة أن تكاليفها بسيطة تتراوح بين 5 – 10 آلاف جنيه فقط، بينما استغل البعض الآخر رغبة أبناء الطبقات المتوسطة في التعطر بالأنواع الشهيرة من العطور، حتى إن كانت مقلدة، لأنهم لا يستطيعون اقتناء الأنواع الأصلية التي تصل في بعض الأحيان إلى بضعة مئات من الجنيهات.
ورغم أن تجارة تركيب العطور قديمة، ويقع مركزها في حي الأزهر بالقاهرة الفاطمية، وهناك عائلات تخصصت في هذه التجارة من أهمها عائلة الحناوي التي احترفت هذه التجارة من نحو 60 عاماً، إلا أن هذه التجارة انتشرت في الفترة الأخيرة بشكل كبير، فأصبح الشاب لا يحتاج سوى لمحل صغير يحتوي على أرفف مكدسة بزجاجات صغيرة مليئة بالعطر المركز (الأسانس) لأشهر ماركات العطور العالمية، وحقنة طبية لتعبئة العطور، وزجاجات فارغة، وزجاجة كحول طبي، لينضم إلى آلاف الشباب الذين أصبحوا يمتهنون تركيب العطور.
الدكتور عبد الحليم نور الدين الأمين العام للمجلس الأعلى السابق للآثار وأستاذ الآثار بجامعة القاهرة أكد أن تركيب العطور مهنة ضاربة في القدم، كان الفراعنة يقومون بها، لأنهم كانوا يستخدمون العطور في العديد من المناسبات، سواء في الطقوس الجنائزية أو تحنيط الموتى أو حتى في الأفراح والمناسبات السعيدة كتتويج الملوك. كما كان ملوك الفراعنة حريصين على التعطر بأفخر أنواع العطور، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة الفرعونية، التي كانت تعتني بجمالها إلى أقصى درجة. ودليل ذلك كما يقول د. نور الدين «عند اكتشاف بعض المقابر الفرعونية كنا نجد العطور ضمن المقتنيات التي وضعها الفراعنة مع الميت ليستخدمها في حياته الأخرى بعد الموت حسب اعتقادهم».
أما وائل الحناوي، أحد أفراد عائلة الحناوي الشهيرة في مجال تركيب العطور بمنطقة الأزهر، فيؤكد أن نوعية المنتجات المستخدمة في صنع العطور المركبة هي التي تحكم سعرها، وكذلك نوع الأسانس ونوع الكحول، ونسبة التركيز.
ويؤكد الحناوي أن تجارتهم لا تعتمد فقط على تركيب العطور، فتشمل أيضا بيع البخور، والفواحات العطرية المستخدمة في السيارات. ويبرر انتشار الإقبال على هذه الصناعة بارتفاع أسعار العطور الأصلية التي قد يصل سعرها إلى مئات الجنيهات، فيما لا يتعدى سعر العطور المقلدة من نفس النوع العشرين جنيها. وكشف الحناوي عن أن نسبة كبيرة من زبائنه من السياح الأجانب الذين تغص بهم منطقة الأزهر التي يقع بها متجره .. «معظم الأجانب يرغبون في تركيب العطور الشرقية، وليس الغربية، ورغم ارتفاع أسعارها إلا أنها تلاقي رواجا شديدا».
ويأتي المسك والعنبر في مقدمة العطور التي يزداد الطلب عليها، برغم ارتفاع سعريهما. ويشير الحناوي إلى أن معظم من يطلبونهما من السياح العرب، الذين يقدرون هذه الأنواع الشرقية.
لكن هل ثمة تأثير ضار للعطور المركبة على صحة مستخدميها، ينفي الحناوي ذلك ويقول «إقبال السياح عليها، وكذلك كثرة الزبائن من المصريين ينفي أن تكون ضارة بأي شكل من الأشكال، فالشخص إذا اشترى شيئا وضره فلن يشتريه ثانية».
إيهاب عبد المنعم، شاب في التاسعة والعشرين من عمره، تخرج في كلية التجارة، وتنقل لمدة خمس سنوات بين مهن لا تناسب مؤهله، إلى أن قرر مشاركة شقيقه كمال، في محل صغير لا تزيد مساحته على 25 مترا في مركز طلعت حرب التجاري بوسط القاهرة لصنع هذه التركيبات العطرية.
يقول إيهاب «الأمر لا يحتاج لشهادة أو خبرة كبيرة، فالمسألة كلها عبارة عن وضع الزيت الخام في الزجاجة وتخفيفه بالسبرتو وملء الزجاجة». ويضيف إيهاب «الشباب هم أكثر زبائني، الذين يتنوعون بين العمال، والطلبة، وحتى الموظفين، نظرا لارتفاع أسعار العطور الأصلية التي قد تصل إلى مئات الجنيهات».
ويكشف إيهاب عن أن محله بدأ يستقطب فئة جديدة هي الفتيات، لذلك بدأ يجلب لمحله الزيت الخام الخاص بالعطور النسائية. ورغم أنه رفض الإفصاح عن إجمالي مكسبه من هذه المهنة، إلا أنه قال «أبيع الزجاجة الصغيرة (50 ملي) بعشرين جنيها، والزجاجة الكبيرة (100 ملي) بأربعين جنيها، وأهي ماشية».
سيد عبد الله لا تختلف ظروفه كثيرا عن إيهاب، فهو في الثانية والثلاثين من عمره، وظل عاطلا لفترة بعد تخرجه إلى أن لاحظ انتشار محلات تركيب العطور، فقرر أن «يساير الموجة»، واستطاع تأجير إحدى واجهات محل كبير للعطارة في أحد الشوارع الرئيسية بوسط القاهرة، يضع فيه زجاجاته الصغيرة ، ويدفع لصاحب المحل مقابلا شهريا يبلغ 500 جنيه. ورغم أن سيد يسكن في منطقة المقطم التي تبعد نحو 25 كيلومترا عن المحل الذي يعمل فيه، إلا أنه اختار وسط القاهرة «لأنها بها حركة بيع وشراء والرزق يحب الخفية».
سيد، الذي تزوج قبل نحو عام وينتظر الآن مولوده الأول، يقول «لولا هذا العمل لما استطعت الزواج»، مؤكدا أنه يكسب جيدا من هذه المهنة، نافيا أن تكون بها شبهة للغش التجاري، ويتساءل: «أين الغش، الزبون الذي يأتي لي يعرف جيدا إنها عطور مركبة، ويأتي إلينا رغم ذلك لجودة إنتاجها ورخص سعرها مقارنة بالعطور الأصلية».
كريم محمد (25 عاما) ، له تجربة مختلفة، فقد ورث محلا تجاريا عن والده في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وظل مغلقا لفترة، قبل أن يقرر افتتاح مشروع تركيب العطور، رغم تخرجه من كلية الهندسة، نظرا لإقبال الشباب عليه. ويقول كريم «رغم أن منطقة مصر الجديدة تعتبر من المناطق الراقية، إلا أن الشباب يقبل وبشدة على تركيب هذه العطور». ويضيف «نظرا لأن متجري يقع في منطقة راقية، فأنا أحرص على تقديم خدمة مميزة، وكثيرا ما أقدم العروض على منتجاتي، لجذب الزبائن».
الدكتور عبد السلام الظواهري أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة القاهرة، حذر من الآثار الجانبية لاستخدام العطور المركبة، وقال «الأصل في العطور أنها مستخرجة من مصادر طبيعية إما نباتية أو حيوانية، وهذا ما يجعل سعرها مرتفعا، لكن العطور المركبة تدخل في تركيبها مواد كيميائية، تحدث ضررا شديدا على الجلد». ويدلل على ذلك بأن «قد يحدث انسداد في مسام الجلد نتيجة كثرة استخدام المواد الكيميائية، كما أن استخدام هذه العطور المركبة مع التعرض لأشعة الشمس يؤدى لسواد طبقات الجلد بشكل ملحوظ». ويشدد د. الظواهري على أن «العطر الجيد هو المصنع من نباتات عطرية طبيعية، والمواد المضافة إليه مثل الكحول والمواد التي تثبت رائحته معروفة المصدر، وتوضح جميع المحتويات على العبوة».
* حقائق عن العطور > تؤخذ العطور من مواد طبيعية ومصدرها إما نباتي أو حيواني حيث تستخلص العطور النباتية من أجزاء مختلفة من النبات فقد تكون من الأوراق كما في نبات النعناع أو من الأخشاب كما في شجر الأرز وشجرة الصندل أو من الأزهار كما هو الحال في الورد والبنفسج. > العطور المأخوذة من الحيوانات قليلة ومنها المسك، الذي يستخرج من غدة ذكر غزال المسك الذي يعيش في جبال الهمالايا، والعنبر الذي يفرزه حوت العنبر ويطفو على المياه في الخليج العربي واستراليا.
> تعتبر العطور المأخوذة من الحيوانات ذات قيمة أعلى من تلك المنتجة من العطور النباتية، حيث تبقى رائحتها مدة أطول، ولهذا السبب نالت العطور المأخوذة من الحيوانات اهتماماً خاصاً من الملوك والأمراء على مر العصور والحضارات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Delete this element to display blogger navbar

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More